الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* وَهِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَانَ حَدِيثُ الْإِفْكِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ الشرح: قوله: (باب) هكذا وقع هنا، وذكر ما يتعلق بها. ثم أورد حديث أبي سعيد في العزل ثم قال بعد ذلك " حدثني محمود " يعني ابن غيلان " حدثنا عبد الرزاق " فذكر حديث جابر في غزوة نجد، وفيه قصة الأعرابي، وهذا محله في غزوة ذات الرقاع. وقد وقع في رواية أبي ذر عن المستملي " في غزوة ذات الرقاع " وهو أنسب. قوله: (غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع) أما المصطلق فهو بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء المهملة وكسر اللام بعدها قاف، وهو لقب، واسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة، بطن من بني خزاعة. وقد تقدم بيان نسب خزاعة في أوائل السيرة النبوية. وأما المريسيع فبضم الميم وفتح الراء وسكون التحتانيتين بينهما مهملة مكسورة وآخره عين مهملة، هو ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع مسيرة يوم. وقد روى الطبراني من حديث سفيان بن وبرة قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة المريسيع غزوة بني المصطلق". قوله: (قال ابن إسحاق وذلك سنة ست) كذا هو في مغازي ابن إسحاق رواية يونس بن بكير وغيره عنه وقال: في شعبان وبه جزم خليفة والطبري، وروى البيهقي من رواية قتادة وعروة وغيرهما أنها كانت في شعبان سنة خمس، وكذا ذكرها أبو معشر قبل الخندق. قوله: (وقال موسى بن عقبة سنة أربع) كذا ذكره البخاري، وكأنه سبق قلم أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع. والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في الدلائل وغيرهم سنة خمس، ولفظه عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب " ثم قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وبني لحيان في شعبان سنة خمس " ويؤيده ما أخرجه البخاري في الجهاد " عن ابن عمر أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق في شعبان سنة أربع " ولم يؤذن له في القتال لأنه إنما أذن له فيه في الخندق كما تقدم وهي بعد شعبان سواء قلنا إنها كانت سنة خمس أو سنة أربع. وقال الحاكم في " الإكليل " قول عروة وغيره إنها كانت في سنة خمس أشبه من قول ابن إسحاق. قلت: ويؤيده ما ثبت في حديث الإفك أن سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الإفك كما سيأتي، فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الإفك كان فيها لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطا لأن سعد بن معاذ مات أيام قريظة وكانت سنة خمس على الصحيح كما تقدم تقريره، وإن كانت كما قيل سنة أربع فهي أشد، فيظهر أن المريسيع كانت سنة خمس في شعبان لتكون قد وقعت قبل الخندق لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس أيضا فتكون بعدها فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق ومات من جراحته في قريظة. وسأذكر ما وقع لعياض من ذلك في أثناء الكلام على حديث الإفك إن شاء الله تعالى. ويؤيده أيضا أن حديث الإفك كان سنة خمس إذ الحديث فيه التصريح بأن القصة وقعت بعد نزول الحجاب والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة فيكون المريسيع بعد ذلك فيرجح أنها سنة خمس، أما قول الواقدي إن الحجاب كان في ذي القعدة سنة خمس فمردود، وقد جزم خليفة وأبو عبيدة وغير واحد بأنه كان سنة ثلاث، فحصلنا في الحجاب على ثلاثة أقوال أشهرها سنة أربع والله أعلم. قوله: (وقال النعمان بن راشد عن الزهري: كان حديث الإفك في غزوة المريسيع) وصله الجوزقي والبيهقي في " الدلائل " من طريق حماد بن زيد عن النعمان بن راشد ومعمر عن الزهري عن عائشة فذكر قصة الإفك في غزوة المريسيع، وبهذا قال ابن إسحاق وغير واحد من أهل المغازي إن قصة الإفك كانت في رجوعهم من غزوة المريسيع. وذكر ابن إسحاق عن مشايخه عاصم بن عمر بن قتادة وغيره أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع قريبا من الساحل، فزاحف الناس واقتتلوا، فهزمهم الله، وقتل منهم، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم. كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة، والذي في الصحيح كما تقدم في كتاب العتق من حديث ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة منهم فأوقع بهم ولفظه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقي على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم " الحديث، فيحتمل أن يكون حين الإيقاع بهم ثبتوا قليلا، فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكون لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا ووقع القتال بين الطائفتين ثم بعد ذلك وقعت الغلبة عليهم، وقد ذكر هذه القصة ابن سعد نحو ما ذكر ابن إسحاق، وأن الحارث كان جمع جموعا وأرسل عينا تأتيه بخبر المسلمين فظفروا به فقتلوه، فلما بلغه ذلك هلع وتفرق الجمع وانتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الماء وهو المريسيع فصف أصحابه للقتال ورموهم بالنبل ثم حملوا عليهم حملة واحدة فما أفلت منهم إنسان بل قتل منهم عشرة وأسر الباقون رجالا ونساء، وساق ذلك اليعمري في " عيون الأثر " ثم ذكر حديث ابن عمر ثم قال: أشار ابن سعد إلى حديث ابن عمر ثم قال: الأول أثبت. قلت: آخر كلام ابن سعد، والحكم بكون الذي في السير أثبت مما في الصحيح مردود، ولا سيما مع إمكان الجمع والله أعلم. ثم ذكر المصنف حديث ابن محيريز واسمه عبد الله ومحيريز بمهملة وراء ثم زاي بصيغة التصغير عن أبي سعيد في قصة العزل، وسيأتي شرحه في كتاب النكاح إن شاء تعالى، والغرض منه هنا ذكر غزوة بني المصطلق في الجملة، وقد أشرت إلى قصتها مجملا ولله الحمد. الشرح: ترجمة غزوة أنمار ذكر فيها حديث جابر " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار يصلي على راحلته " وهذا الحديث قد تقدم في " باب قصر الصلاة " وكان محل هذا قبل غزوة بني المصطلق لأنه عقبه بترجمة حديث الإفك والإفك كان في غزوة بني المصطلق فلا معنى لإدخال غزوة أنمار بينهما، بل غزوة أنمار يشبه أن تكون هي غزوة محارب وبني ثعلبة، لما تقدم من قول أبي عبيد: إن الماء لبني أشجع وأنمار وغيرهما من قيس، والذي يظهر أن التقديم والتأخير في ذلك من النساخ والله أعلم. ولم يذكر أهل المغازي غزوة أنمار، وذكر مغلطاي أنها غزوة أمر بفتح الهمزة وكسر الميم، فقد ذكر ابن إسحاق أنها كانت في صفر، وعند ابن سعد " قدم قادم بجلب فأخبر أن أنمار وثعلبة قد جمعوا لهم، فخرج لعشر خلون من المحرم فأتى محلهم بذات الرقاع " وقيل: إن غزوة أنمار وقعت في أثناء غزوة بني المصطلق لما روى أبو الزبير عن جابر " أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلي على بعير " الحديث. ويؤيده رواية الليث عن القاسم بن محمد " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في غزوة بني أنمار صلاة الخوف " ويحتمل أن رواية جابر لصلاته صلى الله عليه وسلم تعددت. وَالْأَفَكُ بِمَنْزِلَةِ النِّجْسِ وَالنَّجَسِ يُقَالُ إِفْكُهُمْ وَأَفْكُهُمْ وَأَفَكُهُمْ فَمَنْ قَالَ أَفَكَهُمْ يَقُولُ صَرَفَهُمْ عَنْ الْإِيمَانِ وَكَذَّبَهُمْ كَمَا قَالَ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ الشرح: قوله: (باب حديث الإفك) قد تقدم وجه مناسبة إيراده هنا لما ذكره عن الزهري أن قصة الإفك كانت في غزوة المريسيع. قوله: (الإفك والإفك بمنزلة النجس والنجس) أي هما في الاسم لغتان بكسر الهمزة وسكون الفاء وهي المشهورة، وبفتحهما معا. وقوله: " بمنزلة " أي نظير ذلك الجنس في الضبط وكونهما لغتين. قوله: (يقال إفكهم وأفكهم) أي في قوله تعالى: (بل ضلوا وذلك إفكهم وما كانوا يفترون) فقرئ في المشهور بكسر الهمزة وسكون الفاء وبضم الكاف، وأما بالفتحات فقرئ بالشاذ، وهو عن عكرمة وغيره بثلاث فتحات فعلا ماضيا أي صرفهم، ووراء ذلك قراآت أخرى في الشواذ كالمشهور لكن بفتح أوله وهو عن ابن عباس ومثل الثاني لكن بتشديد الفاء وهو عن أبي عياض بصيغة التكبير، وبالمد أوله وفتح الفاء والكاف وهو عن ابن الزبير وغير ذلك مما يستوعب في موضعه. قوله: (فمن قال أفكهم) أي جعله فعلا ماضيا يقال معناه صرفهم عن الإيمان كما قال: (يؤفك عنه) من أفك أي يصرف عنه من صرف. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ قَالُوا قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ دَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدْ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ قَالَتْ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنْ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَ وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ قَالَتْ فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الْإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ قَالَ عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ لَا عِلْمَ لِي بِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ إِنَّهُ الَّذِي قَالَ فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تِيكُمْ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا قَالَتْ وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا قَالَتْ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ أَيْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ قَالَتْ وَقُلْتُ مَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ قَالَتْ فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تِيكُمْ فَقُلْتُ لَهُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ قَالَتْ وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا قَالَتْ فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأُمِّي يَا أُمَّتَاهُ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي قَالَتْ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَسَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ قَالَتْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ قَالَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْخَزْرَجِ وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ قَالَتْ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَتْ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ قَالَتْ فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ قَالَتْ وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لِأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي فِيمَا قَالَ فَقَالَ أَبِي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ قَالَتْ أُمِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ كَثِيرًا إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي فَوَاللَّهِ لَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنْ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَالَتْ فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ قَالَتْ فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ فَإِنِّي لَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ الْعَشْرَ الْآيَاتِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي فَقَالَ لِزَيْنَبَ مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا قَالَتْ عَائِشَةُ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ قَالَتْ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ قَالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الشرح: ذكر المصنف حديث الإفك بطوله من طريق صالح وهو ابن كيسان عن ابن شهاب، وقد تقدم بطوله في الشهادات من طريق فليح عن ابن شهاب، وذكرت أني أورد شرحه مستوفى في سورة النور، وسأذكر هناك مع شرحه بيان ما اختلفوا فيه من ألفاظه وسياقه إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ قُلْتُ لَا وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَهُمَا كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ مُسَلِّمًا بِلَا شَكٍّ فِيهِ وَعَلَيْهِ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَتِيقِ كَذَلِكَ الشرح: قوله: (حدثنا عبد الله بن محمد) هو الجعفي. قوله: (أملى علي هشام بن يوسف) هو الصنعاني. قوله: (من حفظه) فيه إشارة إلى أن الإملاء قد يقع من الكتاب. قوله: (قال لي الوليد بن عبد الملك) أي ابن مروان، في رواية عبد الرزاق عن معمر " كنت عند الوليد بن عبد الملك " أخرجه الإسماعيلي. قوله: (أبلغك أن عليا كان فيمن قذف عائشة) في رواية عبد الرزاق " فقال الذي تولى كبره منهم علي، قلت: لا " كذا في رواية عبد الرزاق وزاد " ولكن حدثني سعيد بن المسيب وعروة وعلقمة وعبيد الله كليهم عن عائشة قال: الذي تولى كبره عبد الله بن أبي قال فما كان جزمه، وفي ترجمة الزهري عن " حلية أبي نعيم"، من طريق ابن عيينة عن الزهري " كنت عند الوليد بن عبد الملك فتلا هذه الآية: قال الزهري: أصلح الله الأمير ليس الأمر كذلك، أخبرني عروة عن عائشة. قال: وكيف أخبرك؟ قلت: أخبرني عروة عن عائشة أنها نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول " ولابن مرديه من وجه آخر عن الزهري " كنت عند الوليد بن عبد الملك ليلة من الليالي وهو يقرأ سورة النور مستلقيا، فلما بلغ هذه الآية (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم - حتى بلغ - والذي تولى كبره) جلس ثم قال: يا أبا بكر من تولى كبره منهم؟ أليس علي بن أبي طالب؟ قال فقلت في نفسي: ماذا أقول؟ لئن قلت لا لقد خشيت أن ألقى منه شرا، ولئن قلت نعم لقد جئت بأمر عظيم، قلت في نفسي: لقد عودني الله على الصدق خيرا، قلت: لا، قال فضرب بقضيبه على السرير ثم قال: فمن فمن؟ حتى ردد ذلك مرارا، قلت: لكن عبد الله بن أبي". قوله: (ولكن قد أخبرني رجلان من قومك) أي من قريش، لأن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث مخزومي وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف زهري يجمعهما مع بني أمية رهط الوليد مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. قوله: (كان علي مسلما في شأنها) كذا في نسخ البخاري بكسر اللام الثقيلة وفي رواية الحموي بفتح اللام. قوله: (فراجعوه فلم يرجع) المراجعة في ذلك وقعت مع هشام بن يوسف فيما أحسب، وذلك أن عبد بن الرزاق رواه عن معمر فخالفه فرواه بلفظ " مسيئا " كذلك أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم في المستخرجين، وزعم الكرماني أن المراجعة وقعت في ذلك عند الزهري، قال وقوله: " فلم يرجع " أي لم يجب بغير ذلك، قال: ويحتمل أن يكون المراد فلم يرجع الزهري إلى الوليد. قلت ويقوي رواية عبد الرزاق ما في رواية ابن مردويه المذكورة بلفظ " أن عليا أساء في شأني والله يغفر له " انتهى. وقال ابن التين: قوله: " مسلما " هو بكسر اللام وضبط أيضا بفتحها والمعنى متقارب. قلت: وفيه نظر، فرواية الفتح تقتضي سلامته من ذلك، ورواية الكسر تقتضي تسليمه لذلك، قال ابن التين: وروي " مسيئا " وفيه بعد. قلت: بل هو الأقوى من حيث تقل الرواية، وقد ذكر عياض أن النسفي رواه عن البخاري بلفظ " مسيئا " قال: وكذلك رواه أبو علي بن السكن عن الفربري. وقال الأصيلي بعد أن رواه بلفظ " مسلما " كذا قرأناه والأعرف غيره، وإنما نسبته إلى الإساءة لأنه لم يقل كما قال أسامة " أهلك ولا نعلم إلا خيرا " بل ضيق على بريرة وقال: " لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير " ونحو ذلك من الكلام كما سيأتي بسطه في مكانه، وتوجيه العذر عنه. وكأن بعض من لا خير فيه من الناصية تقرب إلى بني أمية بهذه الكذبة فحرفوا مول عائشة إلى غير وجهه لعلمهم بانحرافهم عن علي فظنوا صحتها، حتى بين الزهري للوليد أن الحق خلاف ذلك، فجزاه الله تعالى خيرا. وقد جاء عن الزهري أن هشام بن عبد الملك كان يعتقد ذلك أيضا، فأخرج يعقوب بن شيبة في مسنده عن الحسن بن علي الحلواني عن الشافعي قال: حدثا عمي قال: " دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال له: يا سليمان الذي تولى كبره من هو؟ قال: عبد الله بن أبي. قال: كذبت، هو علي. قال: أمير المؤمنين أعلم بما يقول. فدخل الزهري فقال: يا ابن شهاب من الذي تولى كبره؟ قال ابن أبي. قال: كذبت هو علي، فقال أنا أكذب لا أبالك، والله لو نادى مناد من السماء أن الله أحل الكذب ما كذبت، حدثني عروة وسعيد وعبيد الله وعلقمة عن عائشة أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي - فذكر له قصة مع هشام في آخرها - لحن هيجنا الشيخ " هذا أو معناه. الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ إِذْ وَلَجَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَتْ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلَانٍ وَفَعَلَ فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ وَمَا ذَاكَ قَالَتْ ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ قَالَتْ وَمَا ذَاكَ قَالَتْ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَتْ نَعَمْ فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيْتُهَا فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا شَأْنُ هَذِهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ قَالَ فَلَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ قَالَتْ نَعَمْ فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لَا تُصَدِّقُونِي وَلَئِنْ قُلْتُ لَا تَعْذِرُونِي مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ قَالَتْ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهَا قَالَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ وَلَا بِحَمْدِكَ الشرح: قوله: (عن حصين) هو أبي عبد الرحمن الواسطي. قوله: (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة الأسدي. قوله: (عن مسروق حدثتني أم رومان) بضم الراء وسكون الواو وتقدم ذكرها في علامات النبوة وتسميتها، وقد استشكل قول مسروق " حدثتني أم رومان " مع أنها ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومسروق ليست له صحبة لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر أو عمر، قال الخطيب: لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين؛ ومسروق لم يدرك أم رومان وكان يرسل هذا الحديث عنها ويقول " سئلت أم رومان " فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقا، أو يكون بعض النقلة كتب سئلت بألف فصارت " سألت " فقرئت بفتحتين، قال علي: إن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب يعني العنعنة، قال وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال ولم يظهر له علة انتهى. وقد حكى المزي كلام الخطيب هذا في التهذيب وفي الأطراف ولم يتعقبه بل أقره وزاد أنه روى عن مسروق عن ابن مسعود عن أم رومان، وهو أشبه بالصواب. كذا قال. وهذه الرواية شاذة وهي من المزيد في متصل الأسانيد على ما سنوضحه. والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخاري، لأن عمدة الخطيب ومن تبعه في دعوى الوهم الاعتماد على قول من قال إن أم رومان ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع وقيل سنة خمس وقيل سنة ست، وهو شيء ذكره الواقدي، ولا يتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتي عن الواقدي. وذكره الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ست في ذي الحجة، وقد أشار البخاري إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان: روى علي بن يزيد عن القاسم قال ماتت أم رومان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست، قال البخاري وفيه نظر وحديث مسروق أسند، أي أقوى إسنادا وأبين اتصالا انتهى. وقد جزم إبراهيم الحربي بأن مسروقا سمع من أم رومان وله خمس عشرة سنة، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر لأن مولد مسروق كن في سنة الهجرة ولهذا قال أبو نعيم الأصبهاني: عاشت أم رومان بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وقد تعقب ذلك كله الخطيب معتمدا على ما تقدم عن الواقدي والزبير، وفيه نظر، لما وقع عند أحمد من طريق أبي سلمة عن عائشة قالت: " لما نزلت آية التخيير بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال: يا عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان " الحديث، وأصله في الصحيحين دون تسمية أم رومان، وآية التخيير نزلت سنة تسع اتفاقا، فهذا دال على تأخير موت أم رومان عن الوقت الذي ذكره الواقدي والزبير أيضا، فقد تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر قال عبد الرحمن: " وإنما هو أنا وأبي وأمي وامرأتي وخادم " وفيه عند المصنف في الأدب " فلما جاء أبو بكر قالت له أمي احتبست عن أضيافك " الحديث، وعبد الرحمن إنما هاجر في هدنة الحديبية وكانت الحديبية في ذي القعدة سنه ست وهجرة عبد الرحمن في سنة سبع في قول ابن سعد، وفي قول الزبير فيها أو في التي بعدها، لأنه روى أن عبد الرحمن خرج في فئة من قريش قبل الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه، وفي بعض هذا كفاية في التعقب على الخطيب ومن تبعه فيما تعقبوه على هذا الجامع الصحيح والله المستعان. وقد تلقى كلام الخطيب بالتسليم صاحب المشارق والمطالع والسهيلي وابن سيد الناس، وتبع المزي الذهبي في مختصراته والعلائي في المراسيل وآخرون، وخالفهم صاحب الهدى. قلت. وسأذكر ما في حديث أم رومان من قصة الإفك مخالفا لحديث عائشة ووجه التوفيق بينهما في التفسير إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقْرَأُ إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُ الْوَلْقُ الْكَذِبُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا الشرح: قوله: (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله قوله: (عن عائشة) في رواية ابن جريح عن ابن أبي مليكة " سمعت عائشة " وسيأتي في التفسير. قوله: (كانت تقرأ إذ تلقونه) أي بكسر اللام وضم القاف مخففا، وقد فسر في الخبر حيث قال: (وتقول الولق الكذب) والولق بفتح الواو واللام بعدها قاف وقال الخطابي: هو الإسراع في الكذب. قوله: (قال ابن أبي مليكة وكانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها) قلت لكن القراءة المشهورة بفتح اللام وتشديد القاف من التلقي وإحدى التاءين فيه محذوفة، وسيأتي مزيد لذلك في تفسير سورة النور إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَا تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ كَيْفَ بِنَسَبِي قَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ سَمِعْتُ هِشَامًا عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَبَبْتُ حَسَّانَ وَكَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا الشرح: قول عائشة في حسان ذكره بألفاظ، وسيأتي شرحه أيضا في تفسير سورة النور. وقوله: (وقال محمد) ابن عقبة أي الطحان الكوفي يكنى أبا جعفر وأبا عبد الله وهو من شيوخ البخاري، ووقع في رواية كريمة والأصيلي " حدثنا محمد " بغير زيادة، وقد عرف نسبه من رواية الآخرين، وسيأتي له ذكر في كتاب الأحكام. وشيخه عثمان بن فرقد بصري له عند البخاري شيخ آخر تقدم في آخر البيوع. الحديث: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ وَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ قَالَ مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَقَالَتْ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنْ الْعَمَى قَالَتْ لَهُ إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: حديث مسروق " دخلنا على عائشة وعندها حسان " يأتي شرحه في تفسير النور إن شاء الله تعالى.
|